Earn2Trade Blog
السبعينيات صدمة النفط الخام

صدمة النفط: نظرة عميقة على تأثيرها العالمي والأسباب التي أدت لظهورها

كانت فترة السبعينيات حقبة زمنية محورية بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، ولبقية العالم بالتبعية. حيث تميزت بتغييرات كبيرة، أولها كان انتهاء نظام بريتون وودز، الذي تفكك بين عامي 1968 و 1973.

والذي بشر بظهور عصر أسعار الصرف المرنة وأدى إلى اعتماد العملات الورقية. كانت نهاية نظام بريتون وودز تعني أيضًا التخلي عن معيار الذهب وأسعار الصرف الثابتة، وهو ما أدى بدوره إلى نشأة بيئة مليئة بالشكوك الاقتصادية. وكانت النتيجة بالنسبة للنفط الخام هي انخفاض السعر بسبب قيم العملة المتضخمة حديثًا.

وفي اطار مواجهة هذه الأوقات التي كان التنبؤ بها غير ممكن، قامت معظم البلدان بما فيها الولايات المتحدة في زيادة إمداداتها النقدية لتوفير الحماية ضد تقلبات العملة. ستتحدث هذه المقالة عن صدمة النفط وتأثيرها وأسبابها العالمية.

_earn2trade_arabic_Dark_AR

نشأة صدمة النفط

جلبت التحولات في المشهد الاقتصادي العالمي العديد من التحديات، كان أهمها ما واجهته صناعة النفط الخام. ورداً على تسعير النفط الضعيف، قررت أوبك التدخل.

كان هذا التدخل لأوبك بسبب إدراك أنه على الرغم من أن سعر النفط قد شهد زيادات سنوية تدريجية بعد الحرب العالمية الثانية، تمشيا مع اتجاهات التضخم النموذجية، فإن التضخم الحالي واسع الانتشار استلزم تعديلًا تصاعديًا في تكلفة النفط الخام.

كان تعديل الأسعار منطقيًا، لكنه أدى في النهاية إلى عواقب وخيمة. تم وضع اتفاقية أسعار طهران لعام 1971 بهدف حل مسألة تعديل الأسعار، ولكنها أثبتت عدم فعاليتها. وكان هذا بسبب عدم وجود آليات منظمة لتحديث أسعار النفط الخام بسرعة وفقًا لظروف السوق، وتفاقمت بسبب الخلافات بين الموردين والمنتجين فيما يتعلق بإطار التسعير الجديد.

لم تكن السبعينيات هي المرة الأخيرة التي شهد فيها العالم صدمة نفطية. في عام 1979، تسببت الثورة الإيرانية في ارتفاع كبير آخر في أسعار النفط، مما أدى إلى مزيد من عدم اليقين الاقتصادي.

بعد عقد من الزمان، في عام 1990، أدى غزو العراق للكويت إلى زيادة حادة أخرى في الأسعار.

وفي الآونة الأخيرة، في عام 2008، تسبب مزيج من ارتفاع الطلب وركود الإنتاج والتوترات الجيوسياسية في صدمة نفطية أخرى. أدت هذه الأحداث إلى اضطرابات اقتصادية وكان لها آثار دائمة على سياسات الطاقة والاستراتيجيات المالية في جميع أنحاء العالم.

التأثير العالمي للصدمات النفطية

تصاعدت المخاوف الجيوسياسية مع زيادة الحاجة إلى تعديلات أسعار النفط. وبلغت التوترات ذروتها عندما طلب الرئيس ريتشارد نيكسون أموالًا أمريكية لإرسال حزمة مساعدات كبيرة إلى إسرائيل. بالإضافة إلى شحنة من الإمدادات، أثار هذا العمل غضب الدول العربية.

وردت دول أوبك بفرض حظر نفطي على الدول التي تم اعتبارها حلفاءً لإسرائيل خلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973، مثل الولايات المتحدة وكندا واليابان والمملكة المتحدة وغيرها.

انزلق الاقتصاد العالمي إلى الفوضى بسبب هذا الحظر والارتفاع اللاحق في أسعار النفط. وشملت التداعيات نقص الغاز في مناطق مختلفة من الولايات المتحدة وزيادة حادة في تكاليف النقل وعدد من المنتجات.

وفي الفترة 1973-1974، ارتفع برميل النفط الخام من حوالي 3 دولارات إلى 12 دولارًا. وفي حين أن تأثير هذه الخطوة على السياسات الجيوسياسية كان غير فعال إلى حد كبير، إلا أن حظر أوبك كان مع ذلك مناورة قوية. استمرت لمدة خمسة أشهر تقريبًا، وساهمت في ارتفاع أسعار الغاز بأكثر من 40٪.

وتقلصت حدة التوتر أخيرًا عندما تفاوض هنري كيسنجر على فك الارتباط السوري في مايو 1974. وفي حين أن هذا الحدث كان بمثابة إشارة لبدء العودة إلى الظروف الطبيعية، إلا أن تداعيات صدمة النفط، مثل انهيار سوق الأسهم وضغوط التضخم المتواصلة، استمرت حتى أواخر عام 1974.

كما كان لصدمات النفط الأخرى في الأعوام 1979 و1990 و2008، الناجمة عن الثورة الإيرانية وحرب الخليج والركود العظيم، على التوالي، تداعيات عالمية كبيرة. من أبرز آثارها كان اضطراب سلسلة التوريد العالمية، والتقلبات العنيفة في سوق الأسهم، وزيادة أسعار المستهلك، والركود الاقتصادي في العديد من البلدان.

وتؤكد الديناميات المعقدة للصدمات النفطية آثارها الواسعة النطاق والدائمة على الصعيد العالمي.

قد يعجبك أيضًا: العقود الآجلة للنفط – الدليل الكامل مع المواصفات

الخلاصة: كان لصدمة النفط تأثير عالمي عميق

أدخلت فترة السبعينيات عدم استقرار اقتصادي كبير على عالمنا، مع توترات جيوسياسية متزايدة، وتأثيرات دائمة على الاقتصادات العالمية. ولا تزال تداعياتها مستمرة عبر التاريخ على الرغم من عشرات السنين. جلبت أزمات الطاقة في الأعوام 1979 و 1990 و 2008 تحديات كبيرة فريدة من نوعها، ولم تترك أي شك حول طبيعتها المعقدة وأهميتها الشديدة. والدروس التي تلقاها العالم من تلك الفترة، لا تزال تحمل أهمية حتى يومنا هذا.